بحت التنائية الحزبية ... اعداد ملاك جريح ...

هدا بحت قمت به من خلال دراستي في جامعة الجزائر

كليّة العلوم السياسيّة والاعلام

قسم العلومّ السياسيّة و العلاقات الدولية

اتمنى ان يستفيد منه الجميع


المبحث الأول : نشأة الثنائيّة الحزبيّة وأسباب الإبقاء عليها .

المطلب الأول : نشأة الثنائيّة الحزبيّة .

تعود نشأة الثنائيّة الحزبيّة الى تاريخ بريطانيا البعيد حين كانت الملكيّة مطلقة حينها كان الملك يحكم ويملك ، بعدها استعان الملك بمجلس إستشاري سمّي المجلس المخصوص كان يستشيره بمحض مشيئته ، كان هذا المجلس يضمّ النبلاء و رجال الدّين . (أول بادرة لتكوين وزارة ) .

ومع بداية القرن 13 م صدر العهد الأعظم ماقنا كارتا عام 1215 .

وبعد ذلك ونظرا لحاجة الملوك للأموال إضطرو ا لظمّ ممتلي المقاطعات و المدن إلى المجلس الإستشاري ، ففي ضمهم تسهيل للملوك في الحصول على موافقتهم على الضرائب الجديدة .

وهكذا تشكلّ المجلس الكبير و لكن بسبب إختلاف الأراء ووجهات النظر والمصالح أيضا ، إنقسم المجلس الكبير فكوّن النبلاء و رجال الدّين مجلس اللوردات ، الدي أصبح بعدها يتكوّن عن طريق التوريت والتعيين من بين النبلاء ورجال الدين ، أمّا ممتلي المقاطعات و المدن فشكلو مجلس العموم الذي أصبح بعدها يتكوّن بطريقة الإنتخاب العام من الشعب .(بداية تكوّن برلمان ).(1)

وفي خضّم هذه الأحدات نشأ حزب المحافضين و حزب الأحرار و خرجو من قلب البرلمان وتدعّمت هذه الأحزاب من خلال اصدار ميتاق الحقوق و الواجبات سنة 1688، الذي قيّد الملك في الكتير من المجالات ، وهنا أستبدلت الإقطاعيات البرلمانية بالأحزاب السياسية .

وقسمت الأحزاب السياسية إلى موالية للعرش أي المحافضين ، و المعارضة تتمتل في الأحرار .

وفي نهاية القرن 19 م برز حزب جديد جاء إتر التورة الصناعية و هو حزب العمّال الذي نشأ خارج البرلمان على عكس حزب المحافضين الذي خرج من داخل البرلمان ،وتعاظم دوره ليأخد مكان حزب الأحرار الذي تلاشى دوره لأنه لم يستطع الصمود أمام نفوذ حزب المحافضين الموالي للعرش .

ليظهر على الساحة السياسية حزبان كبيران هما حزب المحافضين و حزب العمال كأول ظاهرة حزبيّة سمّية بالثنائيّة الحزبية . (2)

1-هشام محمود الأقداحي ، النظم السياسية المعاصرة ، الأسكندريّة : مؤسسة شباب الجامعة ،2009 ، ص 345 -2www. Eddla . org /undrved/20 and doc . 16.03.08.

المطلب التاني : أسباب الإبقاء على الثنائيّة الحزبيّة .

هناك عدّة عوامل أدت إلى تبني الثنائيّة الحزبيّة و الإبقاء عليها وهي كالتالي :

1 – لقد ساعد كون الحزب السياسي معتبرا في بريطانيا كجهاز معد لممارسة السلطة بالدرجة الأولى ، على الإبقاء على الثنائيّة ، ومن مصلحته كلّ حزب أن يكون أقل عدد من المزاحمين على ممارسة السلطة ، ومن مصلحته أيضا أن يمارس سلطة منفردا ، وهو أمر لا يمكن تحقيقه خلال فترة التلاتيّة الحزبيّة حيت الأكتريّة ضرورة هي أكتريّة تحالفيّة ، فمند أن بدأ الحزب اللبرالي يتقهقر ، تفاهم المحافضون و العمال ، على اقتسامه . وبالمقابل يتوجب على الحزب الدي فرض نفسه والوصول الى دور الحزب السياسي الكبير ان يبدل جهودا ضخمة .انّ حزب العمال سعى طيلة عشرين سنة لكي يصبح تاني الحزبين الكبيرين ، ورغم ذلك لم يستطع قطع الحاجز الذي أقامه أسلوب الإقتراع إلا لأنه كان يملك مند انطلاقه قوّة النقابات .

2 – تجدر الإشارة الى الجهود المبدولة من كل حزب في ازالة الخلافات و الإنشقاق . فالحزب الدي يرتضي انفصال المنشقين عنه خصوصا إذا كانو كترة ، هو حزبصائر إلى الزوال .

إنّ اللبراليين قد زالو من الحياة السياسية يوم ارتضو دخول الأنتخابات منقسمين ، وبالرغم من ضغط العمال كتن بامكانهم مجتمعين ان يقاومو أطول .

3 – انّ العنصر الأساسي في الإبقاء على الثنائيّة هو الإقتراع العام الإنتخابي المتّبع ، فالإقتراع الفردي الأكتري ذو الدورة الواحدة هو الذي أدى إلى تماسك النظام عن طريق المساعدة الضخمة التي يمنحها للأحزاب السياسية الكبرى ، ومع ذلك إنّه من الظروري أن نشير إلى صعود الحزب اللبرالي ، مند بضع سنوات بعد أن كان مند 15 سنة سائرا نحو الزوال .

في سنة 1951 حصل على 2.5 % من الأصوات ، وفي سنة 1957 ، حصل على 2.7 % ، وفي سنة 1909 حصل على 5.9 % ، وفي سنة 1963 حصل على 11.3 % إلا أنّه في سنة 1966 لم يحصل على أكتر من 8.5 % من الأصوات المقترعة ، وفي سنة 1970 حصل على 7.4 % ، وفي الواقع إذا كان حزب الأحرار لا يزال حياّ سياسيا في نظر الإنجليز فلبس هو أبدا حزب الحكم .(1)



1 – أندريه هوريو ، أندريه هوريو، القانون الدستوري و المؤسسات السياسيّة ، بيروت : الأهليّة للنشر و التوزيع ، 1977 ،ص339 – 340 .

المبحت التاني : تعريف الثنائيّة الحزبيّة :


عرّف سليمان مجد الظماوي الثنائيّة الحزبية على أنها نظام يقوم على أساس وجود حزبين قويين منظمين يمتّل كلّ منهما إتّجاها مختلفا عن الآخر متاله حزب العمال و حزب المحافضين في بريطانيا.

يستقل الحزب الذي يضفر بالأغلبية بالحكم فيشكل الوزارة من أعضائه، وتقتصر مهمّة الحزب الآخر على المعارضة داخل البرلمان و خارجه ، وهي معارضة بالوسائل الديموقراطيّة التي تقوم على المعالجة والإقناع ، لا يقصد بها سوى الصالح العام .

وهي بهذا تمهّد الأذهان وتعذّها للإنتخابات المقبلة بقصد الضّفر بالأغلبية ثمّ العودة للحكم وهذا ما يتم عادة بصفة دورية ، لأن الحكومات في هذا النظام مستقرة ، تبقى في الحكم فترة طويلة هي عادة مدّة الفصل التشريعي ، إذا لم ترى الحكومة حلّ البرلمان قبل ذلك . (1)

وعرّفها أندريه هوريو بأنّها حكم الوزارة أو يمكننا القول هي حكومة حزب ، بمعنى أنّ الفائز في الإنتخابات هو الذي يحكم بواسطة لجنة العليا طيلة الفترة التشريعيّة .

وإدا فكلّ ما له اتصال بالإنتخابات ، و بتشكيل الوزارة و حياتها ، وبنشاط البرلمان يخضع للأحزاب ، وبالضبط للحزب المنتصر ، ولكن دون أن يرتدي الصراع الشكل العنيف أو المرير الذي تعرف حركة الأحزاب كيف تخلقه أو تفرضه في مناخات أخرى . (2)

ويعرّفه كشاكش كريم يوسف أحمد ، على أنه ذلك النظام الذي يحقق لنا الديموقراطيّة ،و يجنّب الحكومات الإئتلافيّة مما يضفي وضوحا على السياسة ، مما يجعل النظام مفهوما لدى الناخبين كما يمكنه من تحديد المسؤوليات ، كما يعطي القوّة و الإستقرار اللازمين الذين يمكنان الحكومة من الإقدام على اتخاد تدابير كبيرة و إجراء تخطيط سياسي على المدى الطويل و بنجاح لأن الحكومة واتقة من البقاء فترة زمنيّة طويلة في كرسي الحكم .(3)




1 – سليمان مجد الظماوي ، النظم السياسية والقانون الدستوري ، دار الفكر العربي 1988 ، ص :265 .

2- أندريه هوريو، القانون الدستوري و المؤسسات السياسيّة ، بيروت : الأهليّة للنشر و التوزيع ، 1977 ،ص 336 .

3- كريم يوسف أحمد كشاكش ، الحريات العامة في الأنظمة السياسية المعاصرة ، الإسكندريّة : منشأة المعارف ، 1987 ، ص 566 .

ونجاح هذا النظام مرهون بإيمان الحزبين القائمين في الدّولة بالمبادئ الحرّة بحيت إذا ولّي أيّهما الحكم لايحاول من قريب ولا من بعيد أن يقيّد حريّة الحزب الآخر أو أن يعمل على خدلانه في الإنتخابات بطرق مصطنعة ، وملتوية أي غير سياسية وغير مشروعة كما لو كان برنامج الحزب الحاكم يستهدف إقامة دكتاتورية معيّنة ، لأن متل هذاالحزب إذا ظفر بالسلطة مرّة فلن يمكن أبعاده عن الحكم إلا بتورة وأراقة الدماء .

ولهذا فإنّ الفقهاء الذّين أعجبوا بنظام الثنائيّة الحزبية في فرنسا (قبل تبنيها التعدديّة ) وتمنوا الأخد به نادو بإلغاء الحزب الشيوعي الفرنسي خوفا من هذه النتيجة التّي أشرنا إليها سابقا .

ويقول الفقيه ( JEENNINGS ) : (( ّأنّ الديموقراطيّة أساسها وجود حزب في الحكم و آخر في المعارضة ))

ويقول دوفرجيه : (( أن وجود حزب حاكم وحزب معارضة لدليل قاطع على وجود ديموقراطيّة )) .

ونجد هذا النّظام أي الثنائيّة الحزبية مطبّق وبنجاح في الدّول الأنجلوساكسونية كبريطانيا و الولايات المتحدة الأمريكيّة وهذا ما أدّى إلى الإستقرار السياسي الذي أفاد الدولتين في تقدمها الإجتماعي و ساعد على تأصيل النظم الديموقراطيّة وتربية الشعبين الابريطاني والأمريكي تربية سياسية عالية .

ومنه فالثنائيّة الحزبيّة لا تعني وجود حزبين فقط في دولة ما وإنما نقصد به وجود حزبين كبيرين عظييمين لهما تقل سياسي كبير وتأتير أكبر على الجماهير اي الناخبين وهذا لا يمنع وجود أحزاب صغيرة وإنما ليس لها تأتير .

متاله : وجود حزبي المحافضين والعمال في بريطانيا كمهيمنين ووجود حزب الأحرار كحزب تأتيره ضعيف .(1)

* المبحت الـتالت : عناصر التنائيّة الحزبيّة :



هناك عنصران مهمان هما الحزب الحاكم الحائز على الأغلبيّة البرلمانيّة و الحزب المعارض الذي لم يحز على الأغلبيّة . خلاصة .
في الدول التي تأخد بنظام الحزبين عادة ما تكون فيها أحزاب برامج كالولايات المتحدة الأمريكيّة أو بريطانيا ، حيت أنه عادة ما يكون هناك اتفاق بين الحزبين في الأهداف و الملامح الرئيسية سياسة غير أنّ الإختلاف قد تكون حول الوسائل المؤدية الى تحقيق هذه الأهداف .

ففي ظل هذا النظام يحاول الحزبان أن يستقطب أوسع الجماهير و الشرائح ، كما أنّ برامجهما تحرص على أن تتسع و تستجيب للمصالح العامة ، و لأوسع قاعدة جماهيريّة ، وتكون دور الأحزاب في مراقبة الهيئات الحاكمة أكتر وضوحا و فعاليّة في ظل نظام الحزبين لأن هذا النظام يجعل توزيع المسؤولية بين الحكومة و المعارضة متوفقا مع التمييز بين الأغلبيّة و حزب الأقليّة ، حيت يقوم حزب الأغلبيّة بادارة دفة الحكم بينما تقع على عاتق حزب الأقلية مهمة مراقبة الحكومة و محاسبتها عبر تصرفاتها . (1)

. المطلب الأول : الحزب الحاكم .

بعد اجراء الإنتخابات يفوز حزب بالأغلبيّة ،فيسمى حزب الأغلبيّة ، والدي لم يحصل على الأغلبيّة يتحول الى المعارضة ، ومن الحزب الحائل على الأغلبيّة تتشكل الحكومة أو الوزارة من أعضائه و يكون زعيم الحزب هو رئيس الوزراء ، وفي الدول الملكيّة البرلمانيّة كابريطانيا يكون رئيس الوزراء فيها أعظم شخصيّة شلأنا فدوره واختصاصاته كبيرة وبه يرتبط الى حد كبير توجيه سياسة الحكومة ، ومن أهمها تعيين الوزراء و صرفهم ، يقرر جدول الأعمال واجتماعات مجلس الوزراء ، ويرفض ويقبل جميع مشاريع القوانين التي تتطلب موافقة عليها فيما بعد عرضها على البرلمان ، ومن حقّه أن يطلب حق حل البرلمان دون أن يضطر للإستقالة وهنا يقول السيرإيفور جينيفر : (( انّ الإنتخابات العامة هي في الواقع انتخاب رئيس للوزراء )).ومجلس الوزراء يمكن اعتباره الجهازالمركزي للحكومة البريطانيّة،وجميع أعضاء مجلس الوزراء ينتمون لحزب الأغلبيّة ، وبالتالي يطبقون برنامج حزبهم (2) .





1 - http://www.fcdrs.com/derasat/alndam 4
2 – كلود غيو ، النظام السياسي و الإداري في بريطانيا ، ترجمة : عيسى عصفور ، بيروت : منشورات عويدان ، 1983، ص 27 – 28 .



أما في النظام الرئاسي فكل السلطة في يد الرئيس متاله في الولايات المتّحدة الأمريكيّ

. المطلب التاني : المعارضة .



يقول دوفرجيه : (( أن وجود حزب حاكم وحزب معارضة لدليل قاطع على وجود ديموقراطيّة )) .
ويقول الفقيه (JEENNINGS ) : (( أنّ أقوى ضمانات الحريّة انما تتمتل في يقضة المعارضة البرلمانيّة ضد ما قد تبديه الحكومة من نزعة استبداديّة ))



المعارضة ، كصورة للمشاركة الحزبية ،تساعد في تنبيه الحكومة إلى المواقف السياسية للأقليات ، مما يساعد الحكومة على أخذها في الاعتبار ، عند رسم سياستها أو محاولة معالجته. ويذهب البعض إلى القول بأنّ الأحزاب السياسية في الأنظمة النّيابية ، تلعب من خلال ممارستها للمعارضة دوراً هاماً كقوات للمشاركة الرقابية ، و هذا يبدو واضحاً في النظام الانجليزي الذي يجعل المواطن في مركز ممتاز ، يمكنه من معرفة الشخص المسؤول عن أي تصرف سياسي معرفة دقيقة ، فهيئة الوزارة البريطانية _ الكابينات_ هيئة قوية ، و لكنها مسؤولة ، وتحاسب مباشرة أمام البرلمان و بشكل غير مباشر أمام الدولة ككل . فالمعارضة في البرلمان تحدد مسارات المسؤولية ، و تعمل بما لها من قوة على تنفيذها ، بالمناورات الماهرة للمعارضة يفتح الرأي العام في البلاد ، و يؤثر في خط سير الحكومة ، مع أنّ المعارضة ، كصورة من صور المشاركة ، لا تعني دائما الوقوف في موضع الضد ، فقد يكون لها أحيانا نشاطها المتميز ، المتجسد في التوجيه و النصح و اقتراح البدائل على الحكومة . فالمشاركة الحزبية قد تكون مؤثرة جداً و غاية في الأهمية ، بالرغم من ممارستها خارج نطاق السلطة الحكومية ويمكننا الاستدلال على أهمية هذه الصورة من مشاركة الأحزاب خارج السلطة ، بما كتبه المفكر السياسي(Neumann) من المعارضة في انجلترا أصبحت تشكل الجزء الأهم في البرلمان، حيث يحترف أعضاؤها نقد سياسة الحزب الحاكم، فالمشاركة هنا ليست مجرد حكومة ظل Shadow Cabhnet، و لكنها مشاركة نشطة في المراقبة الفعلية لعمل الحكومة و قراراتها السياسية ويؤكد الأستاذ الأمريكي (V .O.Key)على هذا المعنى فيقول كما تتحالف الأحزاب للظفر بحكم الدولة ، تتحالف أيضا في المعارضة ، لنقد و مراقبة أجهزة الحكومة ، و هذا يعني أن الأنظمة السياسية القائمة على مبدأ الحزب الواحد ، و التي لا تطيق وجود أحزاب معارضة ، ليست أنظمة ديمقراطية ، من وجهة نظر الديمقراطية الغربية .

و من ثم لا يتصور وجود معنى حقيقي لأي نوع من المشاركة في الشؤون العامة في ظلها››

و في هذا السياق يندرج تعليق المفكر الأمريكي (كلينتون روستر) بأنه الأحزاب الأمريكية قد تنتهز الفرصة ، لكي تحقق نجاحاً في المعارضة ، اكبر مما لو مارست الحكم، فالمعارضة الحزبية



((و العلاقة بين الأغلبية و المعارضة _ كما يقول الدكتور ماجد الحلو_يجب أن تقوم على منطق سليم، يستهدف تحقيق المصلحة العامة في الدولة في امن و سلام.فالحزب الحاكم لا يستبعد المعارضين،أو يقوم بتصفيتهم، و المعارضون يطيعون الإرادة المعلنة للأغلبية الحاكمة، امتثالا لإرادة الشعب، رغم مخالفتهم في وجهات النظر. و كل فريق يعترف انه عنصر أو عضو في نظام سياسي يستلزم وجود خصم شريف. و لكل دوره الذي يختلف حسب موقعه في السلطة )) .

و في الختام يمكننا أن نقول أن المشاركة الحزبية، كما تعني تحفيز المواطنين لممارسة حقهم في المشاركة في الشؤون العامة ، من خلال دفعهم للإدلاء بأصواتهم لمصلحة مرشحي الحزب ، أو تبني بعضهم و الدفع بهم لتولي الوظائف القيادية في الدولة تحت اسمها ، فهي تعني أيضا تعبئتهم للمشاركة في نقد برامج الحكومة و مراقبة سياستها . فكما يتعذر على الأشخاص غير المنظمين أن يقوموا بمبادراتهم الفردية ، بنشاط مؤثر في الحملات الانتخابية ، و تحقيق الفوز بالوظائف القيادية فانه كذلك من الأيسر للأفراد نقد برامج الحكومة و مراقبتها من خلال تنظيماتهم الحزبية ، التي تقدم لهم الوسائل و المعلومات التي تجعل نقدهم أكثر تأثيرا و فاعلية ،و مراقبتهم أكثر خطورة و جدية . (1)
[right]1 - سليمان صالح الغويل ، ديمقراطية الأحزاب السياسية و الجماعات الضاغطة ، دراسة تحليلية في ضوء القوانين الدستورية المقارنة ، ليبيا: جامعة قايونسن ، 2003 ، ص

الفصل التاني
التنائيّة الحزبية في كلّ من الولايات المتحدة الامريكيّة وبريطانيا



المبحت الأول : الثنائيّة الحزبيّة في بريطانيا .


ارتبطت الأحزاب السياسية بتاريخ بريطانيا وتعد التجربة الحزبية فيها من أعرق التجارب الحزبية في العالم ، رغم أنه لا يوجد للأحزاب السياسية في ابريطانيا دستورمكتوب ، وبالرغم من هذا فللأحزاب السياسية سيطرة كاملة على عمليّة التفاعل السياسي في بريطانيا .

ويتكون النظام الحزبي فيها من حزبين كبيرين ، وهما يتشابهان في تنظيمهما ويختلفان في التفاصيل . وهما حزب المحافضين وهو أقدم الأحزاب من حيت النشأة له قاعدة محليّة كبيرة وقوّته تأتي من نفوذ رئيسه فهو يعتمد عليه في كلّ شيئ ، أما الحزب التاني فهوحزب العمال الذي تأسس سنة 1900 وأطلق عليه اسمه الحالي سنة 1906 وقد راح منذ عام 1922 يأخد مكان حزب الأحرار ، خاصة عندما فاز بانتخابات عام 1945 .

ولدراسة التنظيم الحزبي في بريطانيا لا بد من معرفة التنظيم الداخلي لكلا حزبيها القويين ، ولذلك سوف نتطرق للتفاصيل التالية :

1- التنظيم داخل البرلمان :

- يتألف النظام الحزبي للأحزاب السياسية البريطانية عامة داخل البرلمان من مجموعة الأعضاء الذين يعملون كوحدة واحدة ، وزعماء المجموعة البرلمانية ، والمراقبون.

ولا يخضع أعضاء حزب المحافضين داخل البرلمان لكتير من السيطرة أو السلطة الخارجيّة وقد يرجع ذلك إلى عدم ميل المواطنين إلى مراقبة ممتليهم ، في أغلب الأحيان يتّخد زعماء الحزب أغلب القرارات السياسية ولايكون الغرض من اجتماع الحزب سوى إبلاغ الأعضاء هذه القرارات ، وحتّهم على الموافقة عليها .

أما حزب العمال فالوضع يختلف بعض الشيء ، إذ أنّ لائحة الحزب تحتّم على ممتليه في البرلمان التصرف في حدود تلك اللائحة ، كما يحتّم ضرورة البحت المشترك في المسائل الحزبية بين الحزب على المستوى القومي و نخبته البرلمانيّة عند بدء انعقاد كلّ دورة برلمانيّة ، أو عندما يطلب أي الحزبين ذلك ، كما أن نخبة البرلمانية العمّالية تتمتع بسلطان أكبر اذ أنّ تلك النخبة هي التي تختار زعيم الحزب ومساعديه ، كما تعيّن المراقبين الخاصين بها في البرلمان .


2 - التنظيم خارج البرلمان :

يتألف التنظيم الحزبي خارج البرلمان من التنظيم المحلي للحزب في الدّوائر الإنتخابية والتنظيم القومي ويشمل المؤتمر العام للحزب و المكتب المركزي .

أ – التنظيم المحليّ : ظهر بعدصدور قانون الإصلاح البرلماني عام 1832 فقبله كانت معظم الدوائر يفوز فيها النواب ذوي النفوذ ولكن مع هذا القانون نظم الأمور وهنا قام حزب المحافظين بتكوين نخبة الحزب عام 1867 ، وإنشاء منظمات قاعدية في المحلّيات وداخل الدوائر الإنتخابية .كما كتب حزب العمّال دستورا له يسير وفقه وأنشأ عام 1918 تنظيمه المحلي متال : النقابات العمالية .

ب – المؤتمر العام للحزب : يتألف المؤتمرالعام للحزب المحافظين من ألف إلى ألفين عضو يعقد سنويا يأخد شكل إحتفاليّة ، تتألف ممتلي المنظمات المحلية و يهدف إلى رسم المبادئ العامّة للسياسة وانتخاب بعض اللجان و المسؤولين وهنا تجدر الإشارة إلى أنّ زعيم الحزب لاينتخب في المؤتمر بل من نوابه في البرلمان .

أما حزب العمال فالمؤتمر العام للحزب يمتل السلطة العليا للحزب يتألف من مندوبين عن نقابات العمال والجمعيات الإشتراكيّة والفروع المحلية و المؤسسات و الهيئات الأخرى المنظمة للحزب وينعقد المؤتمر سنوياّ أوفي دورات استتنائية في مكان تحدده اللجنة التنفيذيّة القوميّة ، ويتمّ التصويت على حسب عدد الأعضاء المسددين للإشتراكات وللمؤتمر سلطة مطلقة على دستور الحزب ، وفيه يتّم وضع البرنامج العام للحزب ، كما يقوم المؤتمربمراقبة وتوجيه النشاط العام للحزب وينتخب المؤتمر العام للعمال اللجنة القوميّة التنفيذيّة والتي تعمل وفقا لتوجيهات المؤتمر وتقدم له تقارير عامّة و ماليّة سنوياّ .

ج – المكتب الوزاري : بالنسبة للمحافظين مقرّه لندن ويقوم بعمل حلقة اتصال بين التنظيم الحزبي داخل البرلمان و خارجه . ويشرف على هذا المكتب رئيس التنظيم بالحزب الذي يعيّنه زعيم الحزب من بين أعضاء البرلمان . ويقوم المكتب المركزي بالمعاونة في إقامة منظمات محلية جديدة في الأماكن ذات الحاجة ، كما يعاون المنظمات المحلية في التغلب على بعض المصاعب التي تواجهها ، ويعدّ المقترحات و الأوامر للجان الحزب المحليّة و موظفيها .ويوزع المنشورات ويجمع الإشتراكات ويعقد المؤتمرات ، ويشرف على الجهاز الإداري للحزب ، ويتولى المكتب إعداد قوائم مرشحي الحزب في الإنتخابات البرلمانيّة ، وذلك بعد أخد رأي الدوائر الحزبيّة المحليّة .



أما حزب العمال فإن المستوى التالي للمؤتمر العام هو اللجنة القومية التنفيديّة ويعاونها المكتب الوزاري، وتتألف اللجنة القومية من زعيم الحزب و سكرتيره وأمين الصندوق ، وعدد من ممتلين ومنتخبين بواسطة النقابات ،وأعضاء ممتلين للفروع المحليّة ،وعدد من السيدات من أعضاء الناخبين بواسطة النقابات وأعضاء المنتخبين بواسطة المؤتمر القومي العام ، وممتل تتنتخبه الجمعيات الإشتراكيّة و التعاونيّة وتجتمع اللجنة مرّة أو مرّتين في الشهر ، ويمكن حصر مهامها : تنفيد قرارات المؤتمر القومي ، وتفسير دستور الحزب وقوانينه ، فصل الأعضاء المخالفين ،والإشراف على الجهاز الإداري إضافة إلى الحزب وقوانينه وفصل الأعضاء المخالفين ، والإشراف على الجهاز الإداري ، إضافة إلى دلك تقوم اللجنة والمكتب المركزي بالإشراف على تنظيم الحزب في الدوائر الإنتخابية و الصحافة و الدعاية الإنتخابيّة للحزب ، بالإشراف على اختيارمرشحي الحزب في بعض الأحيان .

4 – برنامج الحزب :

لكل من المحافظين والعمال برنامج ، وقد حدتت فيه عدّة تعديلات كتيرة فيه ، ورغم هذه التعديلات يظلّ هناك اتجاه عام لكلّ منها .

فحزب المحافظين يومن منذ نشأته بالمحافظة على التقاليد ، معبّرا أنها السبيل الرئيسي للمحافظة على سلامة المجتمع ، وعلى هذا الأساس فهو يؤمن بالتطور البطيء ، وأهم مبادئ هذا الحزب ما يلي :

- الدّفاع عن المصالح والحقوق المشتركة على أساس أنها جزء نت النظام الطبيعي للمجتمع ، ومن تمّ فهو على إستعداد دائم للأخد بالسياسة التي من شأنها أن تحافظ على تلك الحقوق وهذه المصالح .

- مناصرة امتيازات التاج والدّفاع عن استقلال مجلس اللوردات والمحافظة على استقلال الكنيسة الإنجليزيّة .

- الدفاع عن مصالح الملاك الزراعيين وكبار رجال الأعمال .

- الدفاع عن الملكيّة الخاصة ضد تدخل الدولة .

- تحقيق وحدة الدولة والعمل على تقويتها والمحافظة على الإمبراطوريّة .

- حماية السوق الإنجليزية عن طريق الضرائب الجمركيّة .

أماّ مبادئ حزب العمال ، فهي مستمدّة من ظرورة نشأة الحزب الذي استهدف تحقيق نوع من العدل الإجتماعي ، دون أن يؤتّر على القيم الفرديّة و دور السوق .




5 - تمويل الأحزاب :

يعتمد حزب المحافظين على التبرعات والهبات كمصدر للتمويل ، ولا يوجد أي نظام يجبر الأعظاء أو الفروع على دفع أيّة مبالغ ، حيت تترك الأمور لتقديرات كلّ عضو ، على أنّ الملاحظة الجديرة بالذكر في هذا الإطار ، هي أنّ المحافظين يعتمدون على تمويل عدد كبير من رجال المالفي بريطانيا وبالتالي يملك الحزب الرصيد الكافي لممارسة أعماله .

أما حزب العمال فيعتمد على الإشتراكات التي يدفعها كلّ عضو ، فنقابات العمال والجمعيات الإشتراكيّة والتعاونية والفروع المحليّة للحزب تدفع لصندوق الحزب مبلغا معيّنا عن كلّ عضو سنويا ، ولذلك فإن من أهم مصادر تمويل العمال هي نقابات العمال ، حتى أن الفروع المحليّة تضطر للتخلي عن ترشيح بعض الأكفاء ما لم يحصل على تأييد النقابات لهم .(1)

واخيرا نضيف أن كلا الحزبين ينظم إلى مجلس العموم الذي يظم مند 635 عضو من رجال ونساء والنائب أو عضو البرلمان ينتخب نظريا لمدّة 5 سنوات بالإقتراع العام وينتخب النواب بالتصويت الفردي وبحسب الأغلبية في جولة واحدة وترسل كل دائرة انتخابية نائبا واحدا إلى المجلس ويترأس مجلس العموم رئيس منتخب من حزب الأغلبيّة على أن ينال أغلبة الأصوات بنعم ، من كلّ نواب المجلس الحاكم والمعارضة ومهمّته حفظ النظام داخل المجلس وترتيب تدخلات النواب .

ويناقش داخل مجلس العموم مشاريع القوانين ، أي دوره تشريعي ، ويمارس نوعا من الرقابة على السلطة التنفيديّة .

وأما مجلس اللوردات فليسوا نوابا و إنمّا ينتمون للطبقة الراقية في المجتمع كالنبلاء واللوردات و رجال الدين .

وأهم منصب في نظام الثنائيّة الحزبيّة في ابريطانيا هو مركز رئيس الوزراء التي يعتبر رجل السياسة الأول بسبب تطبيق ابريطانيا النظام البرلمان .

المبحت التاني : الثنائيّة الحزبيّة في الولايات المتحدّة الأمريكيّة .


في الولايات كما في بريطانيا يسودها نظام الحزبين وهما الحزب الجمهوري والحزب الديموقراطي إلا أنّ هذا النظام التنائي ذو قواعد وذو معنى مختلف بين البلدين فللأحزاب السياسية الأمريكيّة ركيزة محلّية مهمة جدا ، وأهم عنصر في الأحزاب هو زعيمها حيت أنه في حال تمّت انتخابات رئاسية يكون هو المرشّح للرئاسة .وبالتالي فمنصب زعيم الحزب مغري جدا وخاصة في ظل النظام الرئاسي المعمول به في الولايات الأمريكيّة . تعتبر الأحزاب الأمريكيّة شديدة التنظيم فهي لا تعتمد على الإنتساب الفردي للأعضاء مهما كان عددهم بل على قوّة اللجان و التنظيم ، إذن هي أحزاب أطر ليست أحزاب جماهير .

.لا تعتبر الأحزاب الأمريكية أحزاب طبقة معيّنة ولا حتى دينيا . فلا يوجد تناقضات دينيّة حادة ، لكن بدون شك أقليّة كاتوليكيّة مهمّة ، وقد استطاع جون كندي الوصول الى سدّة الحكم ولكن المنحنى العام يرسمه البروتستانت .

تعتبر الأحزاب في الولايات مصدر المعارضة و أداة الرقابة الشعبيّة . ولا يوجد اختلاف كبير بين الحزبين خاصة في نضرتها للسياية الخارجية ، وإنما اختلافهما في الطريقة المتّبعة لتحقيق الأهداف .

وأما بخصوص الترشح للإنتخابات فهذا الحق لايملكه إلا للأحزاب المسجلة رسمياّ . وينتج عن هذا الواقع أنّ الطبقات الإجتماعيّة قليلة التمايز ، والشعور بالطبقيّة ضعيف ، تمّ أنّ النقابات لا تحاول تغيير في التنظيم الإقتصادي و الإجتماعي ، بل يحاول أن تحصل فيه على مركز افضل لاتباعها ، واذن لا يوجد لا شيوعيّة و لا اشتراكيّة في الولايات المتحدة الأمريكيّة ، إلا في بعض الحلقات الفكريّة .

وتعتبر الأحزاب السياسيّة في حدّ ذاتها مصادر مهمّة للمعارضة المعقولة وأدات للرقابة الشعبيّة ، وهذا الدور الذي تقوم به مهم للغاية ،واحذات قضيّة روترجيت ليست بعيدة ،اذ كانت موضوع اهتمام سياسي .






1 - أندريه هوريو، مرجع سابق الذكر ، ص 401 – 402 .

المبحت التالت : الفرق بين الثنائيّة الحزبيّة في بريطانيا و الولايات المتحدة الأمريكية .


إنّ النظام الحزبي الأمريكي يتماتل مع النظام الحزبي البريطاني من حيت كونه نظام يعتمد على حزبين رئيسيين متنافسين .

إلا أنّ هناك فروق مهمّة بين النظامين الأمريكي والبريطاني ، إنّ النظام الحزبي البريطاني متل : اليابان و ألمانيا الغربيّة و السويد يمكن أن يميّز باعتباره نظام الحزبين .بينما هذه السمة غير مميّزة في النظام الحزبي الأمريكي .

وأول ما يميّز نظام الحزبين الإلتزام الحزبي الصارم ، فإنّ أي عضو من أعضاء البرلمان البريطاني لا يلتزم بسياسة حزبه ، أو يتحدى زعامةالحزب يفقد تأييد حزبه في الإنتخابات التالية ، ويجوز فصله بصفة رسميّة من الحزب ، أما أعضاء الكونجرس الحزبين فكتيرا ما يتحدون زعامة الحزب و لهدا السبب يقال أنّه من الصعب أن تجد زعامة في الأحزاب الأمريكيّة .

وإن الأحزاب الأمريكيّة لا تتميّز بالإتساق الذي تتمع به الأحزاب الإنجليزيّة ، و لهذا الوضع بعض المزايا التي تضهرعلى المستوى الفدرالي فهو يؤديّ الى تمكين النظام الرئاسي من أن يعمل حتى ولو كان رئيس الجمهوريّة ينتمي إلى حزب الأقلية أي من الحزب الغير حائز على الأغلبيّة في الكونجرس ، فلو كان الحزب الديموقراطي و الحزب الجمهوري خاضعين لنظام صارم كما في انجلترا لاستحال على رئيس الجمهوريّة أن يتفاهم مع الكونجرس لتوقفت الآلة الحكومية و عجزت تماما عن الحركة .

وبناء على ذلك ، تعتبر بريطانيا نمودجا لنظام الحزبين الجامد و يؤدي هدا التنظيم الجامد الى توفير التبات و الإستقرار و مساندة الرأي العام للحكومة بينما تعتبر الولايات المتّحدة الأمريكيّة نمودجا لنظام الحزبين المرن و يؤدي هذا التنظيم المرن الى التقليل من دور نظام الحزبين داخل الكونجرس . (1)

* الخاتمة :


إنّ الدول المتبنيّة لنظام التّنائيّة الحزبية ، تطمح لتحقيق الديموقراطيّة وكذلك لتحقيق الإستقرار في هيكل الحكومة الذي يؤدي إلى تقليل الإضطرابات داخل النظام السياسي ، أما الأحزاب السياسية فستضمن مساحة واسعة من المشاركة السياسية ، سواء كانت الحزب الحاكم أو كانت في المعارضة ، والتنائيّة الحزبية تكشف عن موطن المسؤولية السياسية ، حيت تقع هذه المسؤولية على عاتق حزب واحد هو حزب الأغلبيّة ، و مهمة المعارضة في هذه الحالة نقد الحكومة .

ورغم كلّ الإيجابيات التي وردت في البحت ، إلا أنه يأخد على التنائيّة الحزبيّة أنّها تحمل مقدارا من قلّة العدالة بحيت أنها لا تعطي فرصة للأحزاب الصغيرة ، وكذلك على الصعيد السياسي يعتبره البعض بسيط من ناحية تمتيل الرأي العام ورغم ذلك فنظام الحزبين يحضى بالرضا لدى الشعوب .

والحقيقة أنّ نظام الحزبين قد نجح في بريطانيا و الولايات المتّحدة الأمريكية وأدى إلى إستقرار سياسي أفاد الدولتين في تقدمهما الإجتماعي و الإقتصادي وساعد على تأصيل النظم الديموقراطيّة فيهما .